بحث مع المراجع حول تشخيص الامراض النفسية اهميته و اهدافه، اضافة الى ابرز الادوات المستخدمة في التشخيص النفسي من طرف المختصين في علم النفس و الطب النفسي.
مقدمة
يعتبر العدبد من المختصين ان كلمة التشخيص لها علاقة بمصطلح الشخصية و الذي أُشتق منه لغويا، و هذا يفسر أن التشخيص عملية تتعلق بشخصية الإنسان و التعرف عليها و دراستها دراسة علمية .
كما أن عملية التشخيص النفسي لا تقتصر على التعامل مع حالات مرضية فقط، و إنما تتجاوز ذلك في الكشف على الجوانب السوية من شخصية الفرد، كما أنها تُستخدم لأغراض أخرى عدا العلاج، كالتأهيل أو الارشاد أو التوجيه النفسي و المهني.
تشخيص الامرض النفسية:
1- مفهوم التشخيص النفسي:
تعتبر إجراءات التعرف و الفحص و التشخيص عملية معقدة و تحتاج إلى جهد كبير و ذلك بسبب عدم الاتفاق التام على تعريفات الاضطرابات النفسية أو حتى بسبب تفسير التعريف بشكل مختلف. كذلك، تختلف طرائق و إجراءات و فلسفات الذين يقومون بالفحص و التشخيص اعتمادا على اتجاهاتهم النظرية و خبراتهم في الممارسة الميدانية (القمش و المعايطة، 2009).
التشخيص في الطب هو عبارة عن معرفة “كم و كيف” المرض الذي يعاني منه المريض، و ذلك عن طريق فحص الأعراض و استنتاج الاسباب و جمع الملاحظات و تكاملها و وضعها في فئة معينة و التشخيص في علم النفس المرضي لا يختلف كثيرا عن هذا المضمون. (الفخراني ،2015)
التشخيص هو الفن أو السبيل الذي من خلاله يتسنى التعرف على أصل و طبيعة و نوع المرض و تتضمن عملية التشخيص محاولة الكشف عن ديناميات الشخصية لدى المريض و أسباب و أعراض مرضه.زهران (2005)
التشخيص النفسي هو الوصول لفهم مشكلة العميل او المريض النفسي من خلال التحديد الدقيق للمشكلة و تحديد العوامل التي أدت لحدوثها و ذلك من أجل الوصول لتقرير و حكم سليم لوضع العميل و بيان حالته للوصول إلى اختيار أفضل الأساليب العلاجية (الفخراني،2015).
التشخيص الإكلينيكي هو ” الاستقصاء أو السبر المؤسس علميا للظواهر ذات الصلة من الناحية النفسية الإكلينيكية بمساعدة طرق صادقة و ثابتة و موضوعية، تستخدم مستويات و مظاهر مختلفة لما ينبغي تشخيصه و مصادر بيانات للمساعدة على الاستنتاجات و اتخاذ القرارات
و لا يقتصر التشخيص على التعرف على الأمراض و الاضطرابات النفسية فحسب، و إنما يمتد ليشتمل على ما ينجم عن ذلك من قرارات. على عكس التشخيص النفسي فإن منظومات التصنيف العالمية للاضطرابات النفسية ICD-10 و و الدليل التشخيصي و الاحصائي DSM-IV-TR تقوم على التصنيف فقط و ليس على التدخل”.(رضوان2013)
تشخيص الامراض النفسية تلك العملية التي يقوم بها الاخصائي النفسي، بهدف جمع البيانات و المعلومات عن الفرد ليعالجها معالجة خاصة تمكنه من أن يرسم صورة متكاملة لشخصية المريض، و تتضمن وصفا دقيقي لقدراته و مشكلاته و اسبابها و ذلك بهدف وضع تصور أو استراتيجية معينة لخطة علاجية تتناسب مع مشكلة الفرد”
يتطلب تشخيص الامراض النفسية فهم كامل للمريض في إطار نظريتين:
– نظرية رأسية: و هي دراسة مراحل نمو الشخص و ارتقائه منذ المرحلة الجنينية حتى اللحظة الحالية، و ذلك من مختلف الجوانب الجسمية و الطبية و الانفعالية و الاجتماعية و التربوية.
– نظرية أفقية: و هي دراسة التأثير المتبادل بين الفرد و بيئته الداخلية و الخارجية للتعرف على حالات سوء التكيف و الأعراض عنده. (صالح، 2014)
2- اهمية تشخيص الامراض النفسية:
للتشخيص النفسي أهمية كبيرة في ميدان علم النفس المرضي، فعن طريقه يمكن تحديد نوع و مشكلة الفرد و اضطرابه و مدى خطورته عند التعرف على زملة الأعراض التي يعاني منها. و كلما كان التشخيص مبكرا، تصبح فرصة العلاج أفضل (زهران، 2005).
3 – اهداف التشخيص النفسي:
تتمثل اهداف تشخيص الامراض النفسية فيما يلي:
– يتم من خلال التشخيص تحديد الاحتياجات الفريدة للعملاء و التي لا توجد لدى غيرهم بهدف إشباع تلك الحاجات.
– يمكن من خلال التشخيص الربط بين الجزئيات المتفرقة للمشكلة بطريقة تُوَضح العلاقة بين هذه الجزئيات لتكوين نظرة عامة و متكاملة عن مشكلة المريض.
– يُقدم التشخيص أحكام و قيم و تصنيفات للأشخاص و السلوك و المعايير.
– يؤدي التشخيص إلى التعرف على العوامل و الأسباب التي أدت لوقوع المشكلة.
– يقدم التشخيص تفسيرا للمشكلات النفسية و الاجتماعية بما يتضمنه ذلك من عواطف و انفعالات و ظروف شخصية يصعب الوصول إليها عن طريق آخر.
– يوفر التشخيص اساسا منطقيا و موثوقا به للعلاج (الفخراني 2015).
4- مراحل التشخيص النفسي:
وضع كل من “ساندبيرغ و تيلر” نقلا عن ياسين (1986) مراحل تشخيص الامراض النفسية في الخطوات الأربع التالية:
4 -1 مرحلة الإعداد Preparation Stage:
و تشتمل بدورها على أربع خطوات فرعية:
– الاتصال بين الإخصائي و كافة المؤسسات لتعرف على تفاصيل المشكلة الخاصة بالمريض و تجمع كافة التقارير.
– المعلومات الأولية التي يجمعها الإخصائي في المقابلة المبدئية.
– القرارات الأولية في قبول الحالة أو عدم قبولها، و أهداف التقييم الإكلينيكي.
– اختيار أدوات التشخيص، من اختبارات و وسائل قياس و زيارات و غيرها.
4 – 2 مرحلة التزود بالمعلومات Input Stage:
و تتضمن خطوتين فرعيتين:
– المقابلات التشخيصية التي تتم بين الإخصائي و المريض، و التي قد تستلزم تعديلات في أهداف التشخيص و وسائله، كما تشتمل كذلك على استخدام الاختبارات التي يراها الإخصائي تناسب الحالة.
– تصحيح الاختبارات و تنظيم نتائج المقابلات و تنسيقها و وضعها في صورة كمية، كما تتضمن أيضا مجموعة من الأحكام الجزئية الوصفية.
4- 3 مرحلة معالجة المعلومات Processing Stage:
يقوم فيها الإخصائي بتنظيم المعلومات التي حصل عليها و توضيح المعاني المتضمنة لها و هي خطوة استخراج النتائج الإحصائية و ما يتصل بها من تنبؤات و تفسيرها تمهيدا للاستفادة منها.
4-4 مرحلة اتخاذ القرارات Output Stage:
و تتضمن كتابة التقارير و اجتماعات مناقشة الحالة، ثم اتخاذ قرارات نهائية ترتبط بشأن العلاج و أسلوب العمل (ياسين، 1986، ص 127-128).
5- شروط و مبادئ التشخيص الامراض النفسية:
تتمثل شروط تشخيص المريض النفسي و مبادئه في النقاط التالية:
– يجب أن تتم عملية التشخيص من قبل متخصصين مؤهلين علميا و مرخصين للعمل في هذا الميدان.
– يجب أن يتم جمع المعلومات التشخيصية من مصادر متنوعة مثل الأسرة، و الأقران، و المعلمين، و أرباب العمل.
– يجب الحصول على موافقة ولي الأمر على اجراءات التشخيص.
– يجب الحفاظ على سرية معلومات القياس و التشخيص.
– يجب استعمال أدوات و اساليب متنوعة و أن تكون الاختبارات و المقاييس المستخدمة مقننة.
– عدم الاكتفاء بنتائج مقياس واحد عند تحديد أهلية الفرد لخدمات العلاج النفسي.(الروسان1999)
– يجب أن يوضع المُشخص تحت الملاحظة– عند الحاجة- بغرض التحقق من صحة نتائج القياس و التشخيص (صالح، 2014، ص 141 )
6- اشكال التشخيص النفسي:
يذكر ياسين (1986) في كتابه “علم النفس العيادي” بأن التشخيص يتخذ شكلين:
1-6- الشكل التصنيفي الطبي:
يعتمد هذا الشكل على التصنيف Classification كأساس له و ينحصر في تسمية المرض أو شكوى المريض، و يميل بعض الإخصائيين الإكلينيكيين للأخذ به رغم أنه أسلوب طبي، و لقد أثبت جدارته في الحالات المرضية التي تتطلب تدخل جراحي. أما في الحالات النفسية فإن الأمر يختلف اختلافا كليا. و يرى الكثير من النقاد أن الأسلوب الطبي محدود في نطاق خاص.
2-6- الشكل السيكودينامي:
القاعدة التي يتخذها التشخيص في هذا الشكل هي ديناميات المرض النفسي؛ و في هذا النوع لبد من دراسة الحالة دراسة مستفيضة Comprehensive من جميع جوانبها، و خاصة من ناحية القدرات، و الدوافع، و الانفعالات، و القيم، و الاتجاهات، اساليب السلوك الدفاعية لدى الفرد؛ فضلا عن آثار البيئة التي نشأ فيها (ص 126-127).
7- أدوات التشخيص النفسي:
تعتمد عملية تشخيص الامراض النفسية على عدد من الاجراءات و الأساليب و الأدوات حتى تكون عملية التشخيص النفسي دقيقة و مُحكمة، و من هذه الأدوات و الأساليب التي يستخدمها الاخصائي الاكلينيكي ما يلي:
7 -1 المقابلة العيادية:
تُعرف المقابلة العيادية او الاكلينيكة على أنها تواصل لفظي هادف بين طرفين يحتل جمع المعلومات حول السلوك و الخبرة عند الشخص مركز الصدارة. و يجري الحوار بشكل رسمي وفق محكات محددة للحوار. و يمكن النظر إلى المقابلة من أربع زوايا:
– الحصول على المعلومات من خلال تبادل الحديث بين شخصين على الأقل.
– يسير اتجاه المعلومات بشكل أساسي في اتجاه من المسؤول إلى السائل.
– تجري بين المسؤول و السائل تفاعلات على مستويات مختلفة: على أساس مستوى نفسي عام، على مستوى نفسي اجتماعي، نفسي تعليمي، نفسي أعماقي.
– يتم تصميم الحوار من السائل بحيث يمكن من خلاله الحصول بيانات أو معلومات تُمكن المُشخص من إجراء تقويم منطقي (رضوان،2014،ص 149).
أهمية المقابلة العيادية:
تبرز أهمية المقابلة في كونها تسمح للمختص من ملاحظة الكثير من التعبيرات و الحركات و الانفعالات أثناء حديث العميل، و يتعرف عن طريقها على قدرات و إمكانات و الظروف البيئية و الاجتماعية للعميل. كما يمكن تطبيق كافة الاختبارات و المقاييس خلالها. من جهة أخرى، يتم فيها تقييم جميع جوانب الشخصية الجسمية و النفسية و العقلية بغية الوصول إلى تشخيص مشكلة العميل بشكل أدق.
خطوات المقابلة العيادية:
تمر المقابلة العيادية المرضية عبر خطوات، و هي:
أ- مرحلة الافتتاح:
و هي مرحلة البدء و تقرير الحالة و فيها يحاول المختص أن يوفر جوا من الدفء و المودة من أجل بناء علاقة ايجابية و كسب ثقة المريض. و غالبا ما تبدأ بطرح الأسئلة التشجيعية و المناقشة بهدف افتتاح المقابلة و دعم العلاقة مع المريض.
ب- مرحلة الوعي الفكري:
فيها يبدأ المختص بالدخول في مضمون المقابلة و التي تشمل توضيح سبب طلب المريض و فهم أولي لمشكلته. و يتم فيها تجميع المعلومات و تطبيق الاختبارات و تفسير نتائجها لكي يتم التعرف أكثر على الحالة المرضية لطالب المقابلة.
ج- مرحلة البناء:
لا تتم هذه المرحلة إلا بعد المرور بالمرحلتين السابقتين و مناقشة المريض و عائلته و أقرانه بجميع التفاصيل عن مرضه؛ كما يسعى فيها المختص للتوصل إلى أسباب و دوافع التي أدت بالعميل إلى حالته، من أجل تحقيق علاجا فعالا.
د- مرحلة الاقفال:
يصل فيها الطرفان المختص و العميل إلى قرار مشترك بإنهاء المقابلة بناء على طلب المختص الذي رأى أن العميل أصبح قادرا على التوافق السليم، أو بناء على طلب المريض الذي وجد نفسه معافى أو لم ينفعه العلاج (صالح، 2014).
أشكال المقابلة:
يذكر فايد (2005) شكلين للمقابلة العيادية، إما أن تكون بنائية أو غير بنائية. ففي المقابلة غير البنائية يسأل الإكلينيكي أسئلة ذات نهاية مفتوحة (هل ستخبرني عن نفسك ؟)، و تضع قيود قليلة على ما يمكن أن يناقشه العميل. و يسمح نقص البناء الإكلينيكي بأن يتم التركيز على محاور هامة لا يمكن توقعها من قبل.
كذلك تعطي تقديرا أكثر للموضوعات الهامة بالنسبة للعميل. أما في المقابلة البنائية تُطرح مجموعة من الأسئلة المعدة مسبقا. و يستخدم فيها أحيانا مجموعة معيارية من الأسئلة أو محاور مصممة للاستخدام في كل المقابلات. و يسمح هذا الشكل من المقابلات بمقارنة استجابات الأفراد بآخرين. و هي مصممة للكشف عن الطبيعة الدقيقة و الدرجة الخاصة بالأداء الشاذ للعميل.
أما زهران (2005) يقسم المقابلة إلى: المقابلة المبدئية (التي تمهد للمقابلات التالية)، و المقابلة القصيرة (التي لا تستغرق وقتا طويلا)، و المقابلة الفردية (تتم بين الإخصائي و المريض فقط)، و المقابلة الجماعية (تجمع جماعة من المرضى)، و المقابلة المقيدة أو المقننة (التي يكون مقيدة بأسئلة مقننة)، و المقابلة الحرة (تكون غير مقيدة بأسئلة معينة).
من أنواع المقابلة حسب هدفها: مقابلة المعلومات، و المقابلات العلاجية (الإكلينيكية) و المقابلة الشخصية. و من أنواع المقابلات حسب الأسلوب المتبع فيها: المقابلة الممركزة حول العميل، و المقابلة الممركزة حول المعالج.
7- 2 – الملاحظة العيادية:
هي طريقة منظمة يحاول فيها المختص أن يجمع معلومات عن سلوك معين على النحو الذي يحدث فيه الموقف و تسجيل هذا السلوك. لذا تقوم الملاحظة العيادية على ملاحظة الوضع الحالي للعميل في جانب محدد من جوانب سلوكه، و تشمل ملاحظة السلوك في مواقف الحياة الطبيعية، و مواقف التفاعل الاجتماعي بكل أنواعها.
بذلك تكمن فائدة هذه الأداة لكونها أداة تشخيصية لها درجة عالية من الثقة و الثبات و يمكن الاعتماد عليها في الوصول لحقائق واقعية و صادقة في رصد سلوكيات الأفراد. و بتحديد موضوعات دقيقة و محددة مرتبطة بالموقف أو الحالة أو الموضوع الذي تتم ملاحظته، لجمع معلومات و حقائق في إطار تلك الموضوعات (صالح، 2014، ص 154).
أنواع الملاحظة العيادية:
من أنواع الملاحظة العيادية او الاكلينكية هي:
الملاحظة المباشرة (وجها لوجه مع المريض)
الملاحظة غير المباشرة (دون اتصال مباشر مع المريض)
الملاحظة المنظمة الخارجية (يقوم بها المختص و مساعدوه)
الملاحظة المنظمة الداخلية (من الشخص نفسه لنفسه)
الملاحظة العرضية (العابرة و غير المقصودة)
الملاحظة الدورية (على فترات زمنية محدودة)
الملاحظة المقيدة (بمجال أو موقف و فترات معينة) (زهران، 2005، ص 160)
خطوات إجراء الملاحظة:
أ- الإعداد:
و ذلك بالتخطيط المنظم لها و التحديد المسبق للسلوك المراد ملاحظته، و تحديد المعلومات المطلوبة، و هدف الملاحظة، و تحضير الأدوات اللازمة للتسجيل، و تحديد الزمان و المكان.
ب- اختيار عينات سلوكية مختلفة للملاحظة:
و ذلك باختيار عينات متنوعة و متعددة و شاملة و ممثلة لأكبر عدد من مواقف الحياة و مناسبات مختلفة و مواقف فردية و جماعية.
ج- عملية الملاحظة:
تتم عملية الملاحظة مع مريض واحد في وقت واحد. أما في حالة ملاحظة سلوك الجماعة يستحسن استخدام أجهزة التسجيل و تعدد الملاحظين ضمانا للموضوعية و الدقة.
د- التسجيل:
يجب أن تسجل الملاحظة بعدها مباشرة و ليس أثنائها، و يجب الإسراع بتسجيل و تلخيص كل ما دار في الملاحظة. كذلك تسجيل تاريخ و مكان و زمان الملاحظة و أسماء الملاحظين.
هـ- التفسير:
يتم تفسير السلوك الملاحظ في ضوء الخلفية التربوية و الاجتماعية و الاقتصادية للمريض، و خبراته و إطاره المرجعي (سرى، 2000، ص 64-65)
أدوات الملاحظة:
تعتمد الملاحظة على عدد من الأدوات وهي: لوحات المشاركة (تستعمل لتسجيل مشاركة الفرد في نشاط أو مناقشة)، قوائم السلوك (قائمة تستعمل لتسجيل السلوك الملاحظ فور حدوثه)، مقاييس الشخصية و التقدير (قائمة تشتمل على مجموعة من الفقرات و البدائل التي تعبر عن سمة ما)، التسجيلات القصصية (تسجل أحداثا معينة خلال فترة محدودة) (صالح، 2014 ).
عوامل نجاح الملاحظة العيادية:
من بين عوامل نجاح الملاحظة: السرية و الموضوعية و الدقة و الخبرة، و الشمول لعينات متنوعة من السلوك تتناول الإيجابيات و السلبيات، و نقاط القوة و الضعف و انتقاء السلوك المتكرر الثابت نسبيا(زهران، 2005، ص 160).
7 – 3 – الاختبارات و المقاييس النفسية:
إن الاختبار النفسي ما هو إلا أداة للحصول على عينة من سلوك الفرد في موقف مقنن؛ و بهذا الشكل يمكننا تقييم الملاحظات المضبوطة للسلوك تقييما موحدا، لذا كان للاختبار النفسي مزايا لا توجد أصلا في المقابلة أو الملاحظة أو في اجراءات دراسة الحالة.
و الاختبارات دون شك هي وسائل ذات قيمة كبيرة في عمليات التشخيص و التوجيه الإرشاد النفسي و العلاج؛ و هي كأي وسيلة يمكن الاستفادة منها إذا أحسن استخدامها و وضعت حولها الضوابط و أمكن معرفة معايير ثباتها و صدقها و دلالاتها الإكلينيكية و حدودها التي لا تستطيع تجاوزها بحكم طبيعتها أو طبيعة القدرات التي تقيسها (رضوان،2014).
أهداف الاختبارات النفسية:
يمكن تحديد دور الاختبارات النفسية في عملية التشخيص النفسي على النحو التالي:
– تقييم قدرات الفرد و إمكانياته من حيث ذكائه العام و قدراته العقلية الخاصة.
– كشف الجوانب المختلفة من شخصية الفرد، و مشاعره، و افكاره و رغباته، و اتجاهاته.
– تقييم ديناميات السلوك لدى الفرد، و كشف الشعورية أو اللاشعورية التي تحرك هذا السلوك.
– تشخيص الاضطراب أو المرض النفسي أو العقلي الذي يعاني منه الفرد (عباس، 1996، ص 18).
أنواع الاختبارات و المقاييس النفسية:
هناك حوالي خمسة أنواع من الاختبارات التي يستخدمها الاخصائي النفسي الاكلينيكي بشكل متكرر وهي:
أ- إختبارات إسقاطية Projective tests:
و تتكون من مادة غير بنائية أو من مادة غامضة، يُطلب من المفحوص أن يستجيب لها. و تكون المادة غامضة إلى حد أن الاستجابات يحتمل أن تعكس البناء النفسي للفرد.
ب- قوائم التقرير الذاتي Self-report inventories:
تتكون من قوائم بنود يختارها الشخص حسب درجة انطباقها عليه، و تكشف هذه البنود على شخصيات الأفراد و نماذج سلوكهم و انفعالاتهم و اعتقاداتهم.
ج- إختبارات نفسوفسيولوجية Psychophysiological tests:
تقيس مثل هذه الاختبارات الاستجابات البدنية مثل معدل نبضات القلب و التوتر العضلي كمؤشرات ممكنة للاضطرابات النفسية.
د- اختبارات نفسوعصبية Neuropsychological tests:
تكشف عن أي تلف عصبي ممكن.
هـ- إختبارات الذكاء Intelligence tests:
و هي مصممة لقياس القدرة العقلية للشخص.
شروط الاختبارات النفسية:
حتى تكون الاختبارات صالحة للقياس لبد أن تتوفر فيها مجموعة من المحكات الأساسية. يمكن تقسيم هذه الشروط إلى شروط أولية و شروط سيكومترية.
أ- الشروط الأولية للاختبار:
و تشمل الموضوعية و الشمول و التقنين. فالمقصود بالموضوعية Objectivity عدم تدخل الجانب الذاتي في تقدير الدرجات و تفسيرها و بالتالي عدم اختلاف المصححين في تقدير الدرجات. أما الشمول Globalization يعني أن يقيس الاختبار جميع جوانب المجال (الجانب العقلي، الجانب الانفعالي، الجانب النفسحركي) في حالة الاختبارات النفسية.
بالنسبة للتقنين Standardization هو توحيد اجراءات التطبيق على جميع الأفراد المشاركين (طريقة التصحيح، طريقة التفسير)، و كذلك تحديد الخصائص السيكومترية التي تدل على جودة الاختبار (مراد و سليمان، 2005).
ب- الشروط السيكومترية:
و تتضمن الصدق و الثبات و المعايير. فالصدق يتعلق بما يقيسه الاختبار و إلى أي حد ينجح في قياسه و يرتبط أيضا بمدى وصولنا إلى تنبؤ دقيق و استنتاج صحيح من الدرجة التي يحصل عليها المفحوص.
و من أنواعه: صدق المحتوى، و الصدق المرتبط بالمحكات، و صدق التكوين الفرضي. و يقصد بالثبات دقة الاختبار في القياس أو الملاحظة و عدم تناقضه مع نفسه، و اتساقه و اطراده فيما يزودنا به من معلومات عن سلوك المريض، و طرق حسابه إعادة الاختبار، و الصور المتكافئة، و التجزئة النصفية، و معامل ألفا لكرونباخ و غيرها (أبوحطب و عثمان و صادق، 2008).
7 – 4 – التقرير النفسي:
التقرير النفسي جزء مهم و اساسي من التشخيص النفسي، و فيه تتجلى العملية التشخيصية بخطواتها، أي تلك الاجراءات التي قام بها الفاحص بدءا من طرح الأسئلة و انتهاء بالإجابات التشخيصية و اقتراح الاجراءات أو التدخلات.
كما يمكن تعريف التقرير النفسي بأنه التوثيق المنهجي لنتائج الفحص النفسي بمجمله، و هو بوصفه كذلك جزء من العملية التشخصية (رضوان، 2014).
9 – صعوبات عملية تشخيص الامراض النفسية:
– عدم استكمال عملية التشخيص لعجز المريض عن التعبير عن مشكلته كما في حالات ضعاف العقول أو الصغار أو الحالات الحادة من المرض النفسي.
– عدم استكمال التشخيص نتيجة تعمد العميل او المحيطين به تضليل الإخصائي بإخفاء الحقيقة خوفا من الخزي أو العار.
– تسرع الإخصائي في الحكم بسبب الضغوط و الأعباء أو وجود قصور في القدرة على التطبيق العملي لأسس النظريات العلمية خاصة إذا كان الممارس جديدا أو قليل الخبرة.
– عدم استخدام أو معرفة الإخصائي بالأساليب العلمية الحديثة في التشخيص كطرق مزاوجة القياس الكمي و الكيفي لتحديد أبعاد المشكلة الفردية أو ضعف مهارته في التسجيل أثناء أو بعد المقابلات.
– تعقد بعض المشكلات مما يجعل من الصعب الإلمام بكل جوانبها و وضع تشخيص يراعي فرديتها.
– غياب بعض الأفراد الأكثر أهمية في حياة العميل و الأكثر دراية بالخبرات التي مر بها في الماضي مثل حالات وفاة الوالدين أو الأجداد أو الأخوة.
– قصور الذاكرة البشرية لدى الأخصائي أو العميل مما يجعل بعض العوامل المرتبطة بالمشكلة قد تتعرض للنسيان أو الاهمال دون قصد.
– نقص أو غياب أو عدم مهارة بعض المتخصصين و الخبراء الذين يحتاجهم الإخصائي في المؤسسات الاجتماعية كالخبراء النفسيين، الاقتصاديين، القانونيين، الدينيين، الأطباء و غيرهم.
– اعتماد بعض المؤسسات المهنية على استمارات أو نماذج تقليدية تجعل التشخيص تصنيفيا أكثر من كونه تفسيريا وصفيا لتفاعل عوامل المشكلة.
– حاجة التشخيص إلى جهد عقلي كبير و وقت مناسب قد لا يتوافر لدى بعض الممارسين (الفخراني، 2015، ص 39-40).
قائمة المصادر و المراجع
– أبوحطب، فؤاد و عثمان، سيد أحمد و صادق، آمال(2008). التقويم النفسي.ط4.القاهرة: مكتبة الأنجلو المصرية.
– الفخراني، خالد إبراهيم (2015). أسس تشخيص الاضطرابات السلوكية.القاهرة: دار الرشاد للطبع والنشر والتوزيع
– القمش، مصطفى نوري و المعايطة، خليل عبدالرحمن (2009). الاضطرابات السلوكية و الإنفعالية. ط 2. الأردن: دار المسيرة.
– رضوان، سامر جميل (2013).التشخيص النفسي. جامعة دمشق: كلية التربية.
– زهران، حامد عبد السلام (2005). الصحة النفسية والعلاج النفسي.ط 4. القاهرة: عالم الكتب.
– سرى، إجلال محمد (2000). علم النفس العلاجي.ط 2. القاهرة: عالم الكتب.
– صالح، علي عبد الرحيم (2014).علم نفس الشواذ: الاضطرابات النفسية و العقلية.عمان: دار صفاء للنشر و التوزيع.
– عباس، فيصل (1996).الاختبارات النفسية: تقنياتها و إجراءاتها.بيروت: دار الفكر العربي.
– مراد، صلاح أحمد و سليمان، أمين علي (2005). الاختبارات و المقاييس في العلوم النفسية و التربوية: خطوات إعدادها و خصائصها.ط2.القاهرة: دار الكتاب الحديث.
اعداد:
د فتحي وادة – جامعة قسنطينة2
د عيسى تواتي إبراهيم – جامعة الوادي
عنوان الورقة البحثية:
التشخيص و التصنيف في علم النفس المرضي
Diagnosis and Classification in Abnormal Psychology
(المفهوم، الآليات ، المعوقات)(Concept, Mechanisms, Constraints) – بالتصرف –
إقرأ ايضا،كتاب DSM 5 للتشخيص الفارقي