العلاجات السلوكية

تعريف العلاجات السلوكية
تعريف العلاجات السلوكية

تختلف العلاجات النفسية باختلاف الأطر النظرية التي تنتمي اليها لكنها تشترك في هدف أساسي يتمثل في مساعدة المفحوص على التغلب على معاناته .وتتمثل اهم هذه العلاجات في العلاج التحليلي،العلاج الانساني ،العلاجات السلوكية ،العلاج المعرفي ،العلاج المعرفي السلوكي.

وتعتبر العلاجات المعرفية السلوكية أحد أهم وأبرز العلاجات النفسية ،ولقد نشأت هذه الأخيرة سنة(1960) نتيجة للتزاوج بين التيار السلوكي (1920) واهم رواده Pavlove,Skinner,Wolpe)) وبين التيار المعرفي (1950 وأهم رواده Beck,Ellis) ).

وبالتالي فان التعرف على هذه العلاجات المعرفية السلوكية يقتضي منا التعرف أولا على العلاجات السلوكية على حدى والتعرف على العلاجات المعرفية على حدى.

1- تعريف العلاج السلوكي:

يعرف العلاج السلوكي بأنه استخدام الأسس التجريبية المثبتة و المبرهن عليها، و القائمة على مباديء التعلم، بهدف ازالة الاستجابات اللاتكيفية أو إضعافها.

ظهرت عبارة العلاج السلوكي للمرة الأولى سنة (1953) في نص غير منشور لسكينر و زملاؤه وأعادها لازاروس ولكن يعود الفضل لأيزنك في نشرها وذلك سنة (1959) وانطلاقا من (1965) تواجد العلاج السلوكي بصفة رسمية ،وعرف انتشارا كبيرا من خلال كثرة المقالات و المؤتمرات.

لقد مرت الحركة السلوكية من علم النفس التجريبي المخبري La psychologie experimentale de laboratoire إلى التطبيقات العلاجية التي تشمل ميدان الطب العقلي،علم النفس العيادي وبعض جوانب الطب .

ولقد نشأت عن هذه الحركة السلوكية عدة جمعيات أهمها:

الجمعية الأمريكية للطب النفسي APA تقدم العلاج السلوكي(1966) L’Association Américaine pour l’avencement de la therapie comportementale (A.A.B.T)

– الجمعية الأروبية للعلاج السلوكي (1970)Behavior therapy

-العلاج المعرفي و البحث (1977) Cognitive therapy and Research

-مجلة الطب السلوكي (1978) Journal of behavioral medicine

إذن برز العلاج السلوكي في الستينيات ،وتعد أهم الأعمال في هذا المجال :أعمال جوزيف ولبي Wolpe بجنوب إفريقيا والتي اعتمدت على مباديء بافلوف لإحداث وإزالة العصاب التجريبي لدى الحيوان ،ومن خلالها وضع العلاج المعروف  بنزع الحساسية المنتظم systématique)  La désensibilisation   (، وقد اصدر كتابا شهيرا بعنوان :

العلاج عن طريق الكف المتبادل “Psychothérapie par réciproque” .

ويعد أيزنك وشابيرو(Eysenk  et shapiro) أول من اعلنا عن ميلاد العلاج السلوكي الانجليزي  حيث اهتما بالمدخل التجريبي لفهم و علاج المفحوصين بالاعتماد على نموذج الحالة الفردية الضابطة لنفسها.

2- أسس العلاجات السلوكية:

– يهدف العلاج السلوكي إلى تعديل السلوكات ،وتعليم الفرد وسائل لتسيير وحل مشاكله وهذا عن طريق اكتساب تعلمات جديدة.

– يقوم التحليل و المعالجة  في العلاجات السلوكية على السلوك.

– دراسة الفرد ومحيطه الخاص و التفاعلات بينهما .

– يقوم على أساس أن السلوكات تكتسب ،تحفظ وتغير بنفس القوانين سواء تعلق الأمر بالسلوكات السوية و الشاذة.

– يحلل ويفسر السلوك في كليته عن طريق منهج مشابه لمنهج العلوم الطبيعية.

– ينظر إلى الماضي كمساعد على فهم كيفية تكون و تشكل السلوك وليس كمفسر للسلوك(عكس التحليل النفسي الذي يرى ان الماضي يفسر الحاضر).

3-   المنهجية المتبعة في العلاجات السلوكية

التشخيص والتحليل الوظيفي في العلاج السلوكي:

تعتمد منهجية العمل في العلاج السلوكي بالدرجة الاولى عل التحليل الوظيفي للسلوك(Analyse fonctionnelle du comportement) .يعارض الباحث جولفريد (1968)   Goldfried   طريقة التشخيص التي تعتمد على الاختبارات الاسقاطية لأنه خلال الاختبار الاسقاطي تتم محاولة استخراج العديد من الخصائص المفترض ان تكون الركائز الأساسية لشخصية المفحوص ،فحسب هؤلاء الباحثين  فإن هذا التحليل يجرى بمعزل عن الظروف المحيطة أو البيئية   بينما تحاول الاختبارات السلوكية أن تحدد مايفعله الفرد في وضعية محددة.وفي حين يصف الاختبار الاسقاطي مستوى العدوانية عند فرد ما فان الاختبار السلوكي يحاول ان يحدد في اي وضعية محددة يتصرف غير ذلك.

ولقد وضع الباحثان ساسلو وكانفر(1969) Saslow et Kanfer  نموذجا للتحليل الوظيفي هدفه تحديد السلوكات الواجب تغييرها ،التعرف في أي الظروف إكتسبت ،الظروف التي تثبتها وتقويها. فعن طريق هذه المعطيات يمكن تحديد الاجراءات العلاجية المستعملة لتعديل هذه السلوكات.و يتضمن هذا النموذج الخطوات التالية:

1- فحص السلوك المشكل عن طريق تحديد أدق التفاصيل حول الوضعيات المتعلقة بالمشكل مثلا تكراره، شدته ،مدته ، الأشكال التي يمكن ان ياخذها،الوضعيات التي يمكن ان تحيط به.

2- فحص العوامل المحيطية للمفحوص التي تساهم في تثبيت السلوك المشكل وأيضا تحديد نتائج هذا السلوك على المحيط و على المفحوص.

3- تحديد معززات هذا السلوك بالاعتماد على ماضي المفحوص (سواء معززات ايجابية او سلبية).

4- فحص الظروف الخاصة التي نشأ فيها المفحوص.

5- التعرف على الوسائل و الطرق التي يمتلكها المفحوص على مستوى تحكمه الذاتي في حياته اليومية ،وكذلك التعرف على النتائج السلبية  و الايجابية لهذا التحكم الذاتي في ظروف أخرى.

6-تحليل العلاقات لاجتماعية.

7- تحليل البيئة الثقافية الاجتماعية و الفيزيائية.

يشير كل من كرازنر و اولمن (1969) Krasner et Ullman  الى أن المعالج السلوكي  في الممارسة اليومية يهتم بما يفعله المفحوص وبما لا يفعله تجاه المشكل الذي حمله على الاستشارة ، ويحاول المعالج السلوكي أن يختار مصادر المعلومات التي تظهر أنها وثيقة الصلة مع المشكل.

– وسائل التحليل الوظيفي:

تعد المقابلة الوسيلة الأساسية للتحليل ،فمن خلال ما يقوله المفحوص والأسئلة التي يطرحها عليه المعالج فان هذا الأخير يلم بالمشكل.

يتميز المعالج السلوكي بالطابع التوجهي مما جعله موضع نقد مفاده أن المعالج السلوكي يفتقر الى الحرارة الانسانية(La chaleur humaine) .لكن المعالجين السلوكيين يرفضون ذلك لأنهم يعتبرون أن المعالج السلوكي يمتاز بالتعاطف و التفهم و تربطه علاقة مساعدة مع المفحوص.

اضافة الى المقابلة يطلب المعالج من المفحوص كتابة أقصى الوقائع المرتبطة بمشكلته .وكذلك الاعتماد على التقارير العائلية  والاختبارات النفسوفيزيولوجية.

– الطرق المستعملة في العلاجات السلوكية:

طريقة A-B :

بعد القيام بالتحليل الوظيفي نقوم بانتقاء السلوك المستهدف (A) ثم ندخل المتغير العلاجي (B) ونلاحظ التغير الذي يحدثه.لكن هذه الطريقة انتقدت من زاوية أن العلاقة بين السبب و النتيجة غير مؤكدة لأنه توجد العديد من المتغيرات الدخيلة .ولهذا تم وضع طريقة أخرى A.B.A

– طريقة A.B.A:

نتبع نفس خطوات الطريقة الأولى ،لكن بعد ادخال(B) نسحبه ونرجع الى الوضعية (A) حتى نلاحظ أثر (B).

مثال: قام مجموعة من الباحثين بدراسة العلاقات الاجتماعية لدى طفل عمره 4 سنوات ونصف، يتردد على دور الحضانة ،هذا الأخير يتجنب الاتصال مع الأطفال الأخرين من نفس سنه و يبحث عن مرافقة مربيته.

درس هذا السلوك بطريقة محددة من طرف هؤلاء الباحثين فتبين مايلي:

-15% من الوقت المدرسي للطفل موجه للعب مع الأطفال الأخرين .

-45% للتفاعلات مع مربيته.

-40 % للعزلة.

افترض هؤلاء الباحثون أن السبب يعود الى الاهتمام الكبير الذي توليه له مربيته .فأعطوا تعليمة للمربية مفادها ان تهتم بالطفل عندما يلعب مع الأطفال الأخرين وان لا تهتم به عندما ينعزل أو عندما يحاول الاتصال بالراشد(B).وهكذا تحققت فرضية الباحثين وتغيرت النسب.

بعدها طلبوا من المربية ان تتخذ موقفا معاكسا، بمعنى انها لا تهتم به عندما يلعب مع الأطفال الأخرين أو عندما يلعب لوحده ،بينما تعزز كل تقارب معها (A) .

فبالرغم من أن هذه الطريقة تصف جيدا أثر(B) إلا انه لا يمكن تطبيقها في وضعيات محددة كما أنها تطرح مشكلا أخلاقيا.

طريقة A-B-C-B :

تسمح هذه الطريقة بالتعرف على اثار Placebo   لعلاج ما .

مثال: يقيس المعالج  الخطوط الرئيسية لسلوكات طفل يعاني من عدم استقرار نفسي حركي في القسم ،ويتمثل القياس في الوقت الذي يقضيه الطفل جالسا في مقعده خلال ساعة مثلا(A) .تعطى للمعلم تعليمة بأن يهتم أكثر بالطفل عندما يكون جالسا في مكانه(B)

سنلاحظ بعدها ارتفاعا في مدة الجلوس في الوقت المحدد (اذاكان يجلس 5 دقائق ،اصبح يجلس 15 دقيقة). وفي المرحلة الثانية (C) سيهتم المعلم بالطفل مهما كان سلوكه .

وهكذا فإما ان يعود الطفل لسلوكه الأول (عدم استقرار نفسي حركي) مما يدل على خصوصية التعزيز حول سلوك البقاء جالسا،أو أن الأداء المتحصل عليه من (B) يبقى متواصلا في المرحلة (C) ثم نعود إلى الوضعية (B).

تقنيات العلاجات السلوكية

تعتمد تقنيات العلاجات السلوكية على مبدأ التعريض لكنها تختلف في طريقة هذا التعريض الذي يكون اما جزئيا أو كليا وإما حقيقيا أو تخيليا.وسنحاول من خلال هذا الدرس التطرق الى أهم هذه التقنيات. لكن قبل ذلك يجدر بنا أن نشرح مفهوم التعريض(Exposure )  كفنية أساسية في العلاج السلوكي.والذي يقوم على مبدأ تعريض المفحوص للموقف المثير للقلق ،فيتخذ هذا التعريض عدة أشكال منها :التعريض التخيلي ،التعريض المتدرج و التعريض الحي ( في الواقع ). ويهدف التعريض إلى إطفاء الأعراض السلبية للقلق عن طريق مواجهتها و القضاء على سلوك التجنب الذي يعد معززا للقلق.

– تقنية نزع الحساسية المنتظم :Désensibilisation systématique

ظهر المبدأ الأساسي لهذه التقنية على يد ماري كوفرجونس ، وذلك من خلال مساعدة طفل يدعى بيتر يعاني خوفا شديدا عند مشاهدة الأرانب أو الحيوانات ذات الفرو.  فقد قام هذا العالم بتعريض الطفل تدريجيا لمصدر الخوف، وذلك بإظهار الحيوان على مسافة بعيدة ثم تقليص المسافة تدريجيا ،يحدث هذا عند تناول الطفل لطعامه مصحوبا بالتشجيع و الابتسام قصد التمكن من المواجهة .

بعدها جاءت أعمال جوزيف ولبي من خلال كتابه ” الكف المتبادل ” الذي يشير من خلاله إلى أن النجاح في استثارة استجابة مضادة للقلق عند ظهور مواضيع القلق يمكن أن يؤدي إما إلى توقف كلي للقلق أو توقف جزئي له.

يقوم هذا المبدأ العلاجي على تقسيم الموقف المثير للاضطراب الى مواقف متدرجة تبدأ بأقلها اثارة الى أكثرها اثارة.

يهدف أسلوب نزع الحساسية المنتظم الى اضعاف القلق العصابي عن طريق خطوات مجزأة ،وذلك بتجزئة الموقف المثير للخوف الى وحدات متصاعدة على هرم مجزأ ،لا يتجاوز الفاصل في  شدة الخوف بين المواقف أكثر من 10% ،وأما ذروة الموقف المثير فتقدر ب  100% .

يتم تعامل المفحوص مع المواقف المجزأة للخوف بالتناوب بين التعرض و الاسترخاء ،ولا يتم المرور الى مدرج على السلم الهرمي إلا عندما تصبح شدة الخوف منعدمة .

ومما تجدر الاشارة اليه هو استخدام استجابة الاسترخاء كاستجابة مضادة للمواقف المسببة للخوف على السلم الهرمي .وقبل تطبيق هذه التقنية يجب تدريب المفحوص على الاسترخاء.

تطبق تقنية نزع الحساسية المنتظم وفق الخطوات التالية:

1- إعداد سلم وحدات المواقف المسببة للخوف أو القلق،ويوضع هذا السلم بالاشتراك بين المعالج والمفحوص و يجزأ الموقف المسبب للخوف إلى وحدات فاصلة شدتها 10 % متصاعدة على السلم ،ويأخذ الموقف السار الدرجة 0  يليها الموقف الأقل إثارة بدرجة 10 % وأخيرا 100 % لأقصى درجات الاثارة.

2- مرحلة التعريض و الانطفاء: يطلب خلالها  المعالج من المفحوص أن يسترخي على المقعد ويغمض عينيه ويتخيل موقفا سارا.  وبعدها يطلب منه ان يتخيل الموقف المخيف ( يعطي المفحوص اشارة بإبهامه للمعالج كدليل على تخيل الموقف) ويطلب منه ان يتعامل مع هذا الموقف لمدة عشر ثوان وهو في حالة استرخاء تام.بعدها يطلب المعالج من المفحوص ان يتوقف عن تخيل الموقف المخيف ويتخيل موقفا سارا لمدة 30 ثانية ،بعدها يعود للموقف المخيف ، ويتعامل معه بنفس المدة الأولى ليقطع تخيله ثانية ويعود الى تخيل منظر سار .

يستمر هذا التناوب بين التعريض و الاسترخاء وتخيل المواقف السارة و العودة الى الموقف المخيف وذلك حتى تنخفض درجة قلقه الى الرقم0.

3- بعدها ينتقل المعالج إلى الموقف التالي و يتم التعامل معه مثل الأول حتى يصل إلي إلى درجة 0 (درجة الانطفاء) .وهكذا الحال لكل اجزاء الموقف حتى الوصول الى ذروة السلم.

ومما تجدر الاشارة  أيضا هو وجوب ايقاف التعريض للمشهد بسرعة اذا ما أظهر  المفحوص قلقا شديدا .

ومن بين المشاكل التي تواجهها جلسات إزالة الحساسية المنتظم هي صعوبة الاسترخاء عند  بعض المفحوصين  وعدم القدرة على التخيل الواضح و الحي للمواقف.

– تقنية الغمر:immersion

تتمثل القاعدة النظرية في هذا النوع من العلاج في البحث عن كيفية لإطفاء الاستجابات المسببة لهرب و تجنب المفحوص .وهكذا فعن طريق تكرار التعريض لهذه المثيرات فإن هذه الأخيرة  ستفقد تدريجيا قدرتها على إحداث القلق مما سيساعد على اختفاء سلوكات التجنب (2001 Cottraux,).

إذن تتضمن التقنية التعريض للموقف المثير للقلق بالحاح و اصرار ،وقد ذكر الباحث كرافتش (1938) تجربة لأحد الأطباء قام بها مع مفحوصة شابة تعاني من خوف ركوب الحافلات  في الطرق الغير مألوفة لديها و خصوصا عند عبورها للأنفاق والجسور ،وفي أحد الأيام طلب منها الطبيب أن تركب السيارة من بيتها الى مكتبه(50 ميلا ) و كانت الطريق مليئة بالجسور و الأنفاق الطويلة .وخلال  رحلتها شعرت بالخوف و التعب  و الغثيان ، ولكن سرعان ما أخذ خوفها يضعف كلما اقتربت من مكتب الطبيب . وفي رحلة عودتها كانت أقل خوفا و إثارة .ومن خلال تكرار العملية (ذهاب من بيتها إلى بيت الطبيب) بدأت تتخلص من خوف السفر حيث أصبح سفرها أكثر راحة.

إذا ما قارنا العلاج بالغمر مع العلاج بنزع الحساسية المنتظم ،نجد أن الأول مزعج و غير سار مما قد يدفع المفحوص للتوقف عن العلاج ،وكما أنه لا يصلح  مع المصابين بالربو والقلب .ولكنه أسرع من نزع الحساسية المنتظم.

-توكيد الذات:

تعد تقنية توكيد الذات احدى التقنيات العلاجية التي تهدف الى مواجهة المخاوف الاجتماعية( كالخوف من الحديث أمام الأخرين ،الخوف من النقد ) وذلك بتدريب الشخص أن يقول ” لا ” عندما يعرض عليه الناس مايعارض مصلحته. ويعد لعب الدور التخيلي أو الواقعي أحد التدريبات المهمة لتعزيز توكيد الذات.

يعد أسلوب توكيد الذات أحد الأساليب السلوكية الاجرائية التي تهدف الى علاج ضعف الثقة بالنفس و الشعور بالخجل و الانسحاب من المواقف الاجتماعية عن طريق مساعدة الأفراد على التعبير عن أفكارهم و مشاعرهم و المطالبة بحقوقهم.

ويعتبر سالتر أول من اهتم بمفهوم توكيد الذات وذلك من خلال تناوله للسلوك الإيجابي مقابل سلوك الكف .

وكما يعد ولبي- الذي تأثر بكتابات سارتر-  اول من اقترح مفهوم التوكيدية كبديل لمفهوم الاستثارة  ،لأنه غالبا ماترتبط الاستثارة بالقلق بينما تهدف الاستجابة التوكيدية إلى كف أو تثبيط القلق. حيث تستخدم الاستجابات التوكيدية ضد نوبات القلق الناتجة عن العلاقات مع الأخرين.

ويعرف ولبي (1958) توكيد الذات بأنه اسلوب يتضمن نوع من التعليمات و الأنشطة التي يعطيها  المعالج للمفحوص لكي يؤكد شعوره بذاته ومايترتب على ذلك من الشعور بالثقة بالنفس ومايؤدي اليه من التحرر من مشاعر النقص والدونية أو الخجل و الانطواء.

يسمح التدريب التوكيدي بتدريب الأفراد على التعبير عن مشاعرهم وأفكارهم و الدفاع عن حقوقهم و مواجهة من يستغلهم.وتستعمل في التدريب التوكيدي عدة تقنيات منها :تقنية لعب الأدوار وتقنية التعلم عن طريق النموذج.

يتعلم المفحوص في تقنية لعب الأدوار أن يلعب دورا مع المعالج أو مفحوص أخر،و يرتبط  هذا الدور بصعوباته حتى يتم تحليل هذه الصعوبات .

وأما في تقنية التعلم عن طريق النموذج ،يتفرج المفحوص على تسجيل لسلوكات شخص تجاه نفس الوضعيات التي تسبب له الصعوبات .

ويعود الفضل في مجال التعلم عن طريق النموذج الى دراسات باندورا (1963) Bandura

حيث  يشير هذا الأخير الى أن الشخص عندما يلاحظ سلوكات الأخر فإنه يتعلم سلوكات هذا النموذج ،وتسمى هذه المرحلة بمرحلة الاكتساب (Phase d’acquisition)   يكتسب خلالها الفرد صورا و تصورات حول سلوك النموذج، بعدها تأتي مرحلة الأداءات (Phase des performances) يؤدي  خلالها الفرد السلوكات التي تعلمها عن طريق الملاحظة.

ويركز باندورا على الخصائص الواجب توفرها في النموذج منها أن يكون النموذج كفؤا في السلوكات التي نريد تعليمها للملاحظ ،لكن لا يجب أن تكون هذه الكفاءة كبيرة ،مما قد يجعل المفحوص عاجزا أمام النموذج .فمن الضروري أن يكون النموذج قريبا قدر الإمكان من الملاحظ ،فهو يسبق الملاحظ بخطوة أو خطوتين .

ولا يجب أن تخلق السلوكات المؤداة من طرف النموذج استجابات انفعالية كبيرة لدى الملاحظ مما يعيق ملاحظته لسلوكات النموذج.

ولقد بينت نتائج الأبحاث أنه كلما أدى النموذج السلوكات المرغوب تعليمها للملاحظ بطريقة جيدة كلما زاد احتمال ظهورها عند هذا الأخير.

ومهما كانت التقنية المستعملة فإن التدريب التوكيدي يتضمن المراحل التالية:

– التحليل الوظيفي: تحليل وظيفي مفصل لكل الوضعيات الاجتماعية المسببة للصعوبات لدى المفحوص.

– تنظيم هذه الوضعيات بطريقة هرمية ،انطلاقا من الأقل توترا إلى الأقصى توترا.

– في كل الوضعيات،يتخيل المعالج والمفحوص أكبر قدر من امكانيات التفاعلات الاجتماعية وأكبر قدر من الاستجابات اللفظية والغير لفظية التي يمكن أن يقوم بها المفحوص تجاه هذه المثيرات.

– بعد مرحلة التخيل تأتي مرحلة التطبيق ،إذ يقترح المعالج على المفحوص أن يطبقها في حياته الواقعية .وتناقش النتائج في الحصة الموالية .بعدها يتم التخطيط للمرحلة المقبلة.

إقرا ايضا، ملخص كتاب حالات عيادية في العلاج المعرفي السلوكي 

المرجع : 

أشروف كبير سليمة .دروس جامعية في مادة العلاجات السلوكية المعرفيةpdf. جامعة اكلي امحند أولحاج بالبويرة

guest
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
رؤية كل التعليقات